الرنين المغناطيسي الطيفي MR Spectroscopy

تحليل مركبات الدماغ العضوية بواسطة الرنين المغناطيسي الطيفي

الرنين المغناطيسي الطيفي
مثال لرنين مغناطيسي طيفي MRS لشخص سليم. مصدر الصورة: Case courtesy of A.Prof Frank Gaillard, Radiopaedia.org. From the case rID: 36022

مقدمة

الرنين المغناطيسي الطيفي Magnetic Resonance Spectroscopy (عادة مايختصر هكذا MRS) هو طريقة آمنة لقياس وتحليل التغيرات الكيميائية في الدماغ (من الممكن إستخدامه لأعضاء أخرى لكن هذا الموضوع سيُركز على الدماغ)، أي أنه يمكنه قياس مكونات وتركيز التركيبات الكيميائية في الأنسجة والتعرف على ماهيتها والتفرقة بين الأنسجة السليمة والمرضية. غالباً ما يتم إستخدام هذه التقنية للتفريق بين الأمراض المتشابهة في الصور التشريحية.

من الممكن إستخدام هذه الطريقة في المستشفيات لأعضاء أخرى غير المخ. على سبيل المثال يتم إستخدام MRS في حالة أمراض البروستاتا أو الكبد. لكن في الوقت الحالي أغلب إستخدامات MRS تكون في الأغراض البحثية رغم دخوله في المجال الإكلينيكي بشكل قوي ومفيد.

في المستشفيات عادة مايتم اللجوء إليها لتشخيص علل الدماغ (وهو هدف هذه المقالة)، خاصة في حالات الأورام. ولربما المستقبل يكشف إستخدامات أخرى تكون موثوقة في دراسة مختلف الأعضاء في الجسم.

الرنين المغناطيسي الطيفي MRS عبارة عن رسم بياني لبعض المركبات الكيميائية مع تركيزها (الصورة اعلاه). ولا يوجد له أي صور كفحص الرنين المغناطيسي المعتاد، بل يتم التخطيط فقط على الصور التشريحية التي تم اخذها مثل T1 ورسم فوكسل للموضع المراد دراسته.

في الدماغ

عادة يتم إستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي لأخذ صور لجسم المريض يتم من خلالها رؤية وتشخيص الأمراض وتحديد موقعها في الجسم، أي تكون على شكل صور تشريحية.

في المقابل الرنين المغناطيسي الطيفي يقوم على تحليل ومقارنة مكونات الأنسجة وتركيبها الكيميائي في الدماغ.

بالإضافة إلى الأورام فإنه يمكن إستخدام الرنين المغناطيسي الطيفي في المجال الإكلينيكي على حالات الجلطات والصرع. أما في المجال البحثي فله إستخدامات عديدة ليس المجال هنا ذكرها.

لماذا الرنين المغناطيسي الطيفي MRS

على الرغم من التطور الهائل الذي شهده التصوير بالرنين المغناطيسي خاصة في نواحي وضوح الصور بدقة عالية، وقوة المجال المغناطيسي و الصبغات المستخدمة، إلا أنه في بعض الأحيان قد توجد بعض التحديات في تحديد بعض الأمراض المتشابهة.

على سبيل المثال، في بعض الأحيان قد يكون هناك صعوبة في التفريق بين الـ Cerebral Infarction و Low grade glioma حتى مع إستخدام الصبغة. هنا قد يكون للرنين المغناطيسي الوظيفي دور في التفريق بين هذه الأمراض.

المميزات

يتم إجراء الرنين المغناطيسي الطيفي على نفس جهاز الرنين المغناطيسي المعتاد ولايكون هناك حاجة لوجود أي أجهزة إضافية أو صبغات … إلخ. وهذا قد يكون أحد أهم مميزات هذه التقنية لأنها غير مُكْلِفَة خاصة عندما يمتلك المستشفى أصلاً جهاز رنين مغناطيسي.

كما تساعد أطباء الأشعة على الوصول إلى تشخيص اكثر دقة بالتفريق بين بعض الأمراض التي قد يكون لها شكل متشابهة في الصور التشريحية.

أمثلة لبعض المكونات الكيميائية التي يمكن قياسها

يستطيع الرنين المغناطيسي الطيفي تحليل الجزيئات والذرات، يتم إستخدام بروتونات ذرة الهيدروجين كما هو الحال في فحوصات الرنين المغناطيسي المعتاد. بواسطة هذا التحليل نستطيع التعرف على العديد من المركبات الكيميائية في الدماغ مثل: (اللون الأخضر يمثل أكثر المركبات إستخدام في المجال الإكلينيكي). هذه فقط نبذه مُبسطة عن هذه المركبات الكيميائية الهدف منها توضيح كيف نفهم نتائج الـ MRS، ستجد المزيد عن هذا في المراجع.

  • الأحماض الأمينية Amino acids: كبعض الموصلات العصبية في الدماغ مثل: الموصل العصبي المحفز للخلايا الجلوتامايت Glutamate و الموصول العصبي المثبط جابا GABA.
  • الدهن Lipid: الزيادة في تركيزة مؤشر على وجود تنخر الخلايا وموتها necrosis.
  • لاكتات Lactate: هو مركب ينتج عادة عن عمليات الأيض دون وجود الأكسجين glycolysis لذلك وجوده يدل على نقص في وجود الأكسجين كما في أمراض: نقص التأكسج Hypoxia، نقص الدم Ischemia، بعض مشاكل الميتوكوندريا، بالإضافة لبعض الأورام.
  • ألانين Alanine: يُلاحظ تواجد هذا المركب مع الأورام السحائية Meningiomas.
  • ن-أسيتيل أسبارتات N-aceyl aspartate (NAA): هذا المركب الكيميائي مؤشر على صحة خلايا الدماغ. عندما يقل تركيزه في جزء معين من الدماغ فهذا يدل على موت أو تضرر الخلايا العصبية. في المقابل، تواجده بشكل طبيعي دليل على صحة الخلايا العصبية وعدم تضررها. لذلك في الرسم البياني MRS عند الشخص السليم تكون قمة NAA مرتفعة كما توضح الصورة التي في بداية الموضوع.
  • الكولين Choline: هو مركب كيميائي يستخدمه الجسم في تكوين جدران الخلايا. فمثلاً زيادته تعطي دلاله على وجود تكاثر غير طبيعي مما قد يشير إلى وجود ورم على سبيل المثال.
  • الكرياتين Creatine: يرتبط مع الأيض metabolism في الخلايا. النقصان في هذا المركب (مع ربط ذلك بتركيز المركبات الأخرى) يشير إلى موت الخلايا نتيجة لمرض ما قد يكون ناتج عن نقصان تروية الدم أو الإصابة.
  • ميوأنسيتول Myoinsitol: تم ملاحظة وجود هذا المركب في أدمغة المصابين بأمراض مثل: الزهايمر أو الخرف أو نقص المناعة المكتسب (الأيدز). أيضاُ قد يتم إستخدام هذا المركب في المجالات البحثية لقياس القدرات المعرفية Cognitive Abilities.

الرسم البياني

يتم قراءة المركبات الكيميائية في الرسم البياني من اليمين إلى اليسار. كل مركب كيميائي له قيمة تردد خاصة به يتم ترتيبها تصاعدياً من اليمين إلى اليسار. أما تركيز المركب فيكون الإرتفاع في الرسم التخطيطي. أكثر المركبات الكيميائية التي يتم إستخدامها في المجال الإكلينيكي (كما ذكرت في الأعلى) هم:

  1. NAA (2.00 ppm)
  2. Creatine (3.00 ppm)
  3. Choline (3.2 ppm)
الرنين المغناطيسي الطيفي
صورة (1): الرنين المغناطيسي الطيفي MRS لشخص سليم. مصدر الصورة: Case courtesy of A.Prof Frank Gaillard, Radiopaedia.org. From the case rID: 36022

تفسير نتائج الرسم البياني

magnetic resonance spectroscopy
صورة (2): Case courtesy of Dr Gagandeep Choudhary, Radiopaedia.org. From the case rID: 11051

في الرنين المغناطيسي الطيفي يتم التفريق بين هذه المركبات الكيميائية بوحدة ppm وتعني أجزاء لكل مليون parts per million. الفرق بين هذه المركبات الكيميائية هو التغير في التردد frequency shift. يتم رسم تردد هذه المركبات بيانياً في المحور الأفقي.

أما الإرتفاعات (القمم peaks) التي على المحور العمودي تمثل تركيز هذه المركبات، كلما زادت القمة في الرسم البياني فذلك يعني زيادة تركيز هذه المركبات العضوية في النسيج والعكس صحيح. يختلف تركيز هذه المركبات العضوية بين الأنسجة السليمة والمريضة.

على سبيل المثال، المركب NAA كما سبق وأن ذكرت مؤشر على صحة خلايا الدماغ. عندما يقل تركيزه في جزء معين من الدماغ فهذا يدل على موت أو تضرر الخلايا العصبية (صورة 2). هذه الحالة هي عبارة عن ورم Glioma. أما وجوده بشكل طبيعي يدل على سلامة الخلايا العصبية أو أنسجة الدماغ (صورة 1).

التطبيقات في المجال الإكلينيكي

يمكن إستخدام الرنين المغناطيسي الطيفي MRS للمساعدة في تشخيص العديد من الأمراض، خاصة عند عدم التأكد من التشخيص (عدم القدرة على تحديد نوع المرض). مثلاً يمكن إستخدامه في حالات الأورام والجلطات والصرع والزهايمر والإكتئاب وإلى ما ذالك من أمراض الدماغ.

كما قلت سابقاً، مازال يتم إستخدام هذه الطريقة بشكل مُكمل للصور التشريحية وليس بديلاً عنها. فيتم قرن نتيجة هذا الفحص MRS بالصور التشريحية للحصول على تصور نهائي عن الحالة. طبيب الأشعة هو من يقوم بتفسير هذه النتائج.

الطريقة Single vs  Multi Voxels

يتم حساب تركيز المركبات الكيميائية في “فوكسل Voxel” محدد يتم إختيار موضعه في الدماغ بواسطة طبيب الأشعة بناءاً على الصور التشريحية. يوجد طريقتان لإجراء MRS يتم تحديد أحدها من قبل طبيب الأشعة قبل إجراءه وهما:

  1. عن طريق فوكسل واحد في الدماغ Single Voxel
  2. عن طريق عدة فوكسلات في الدماغ Multi-Voxel

مع العلم أن الطريقة الثانية تستغرق وقت أكثر من الطريقة الأولى، ولكنها تغطي مساحات أكثر من الدماغ وذلك قد يكون مفيد عند الحاجة إلى ذلك.

كيف يتم التفريق بين هذه المركبات (لمحة عن الفيزياء)

جهاز الرنين المغناطيسي يمتلك مغناطيس قوي جداً قادر على التأثير على البروتونات الموجبة في الجسم. بالإضافة إلى ذلك يعطي هذا الجهاز موجات راديو RF لإستثارة البروتونات في الجسم وإكسابها بعض الطاقة، عندما تعود هذه البروتونات لوضع الإستقرار ترد هذه الطاقة المكتسبة ويُمثل ذلك إشارة signal الرنين المغناطيسي.

هذا فقط موجز عن فكرة جهاز الرنين المغناطيسي، هنا المزيد عن فيزياء الرنين المغناطيسي إذ أن هذا الموضوع لا يهدف لمناقشة هذه الأساسيات على الرغم من أهميتها، وذلك لأن (الرنين المغناطيسي الطيفي MRS) يعتمد تقريباً على نفس مبادئ (التصوير بالرنين المغناطيسي MRI) المعتاد.

الفكرة الفيزيائية الأساسية في الرنين المغناطيسي الطيفي هي إختلاف توزيع الإلكترونات في الذرات. عندما يتم وضع المريض داخل الجهاز تصبح ذرات الهيدروجين في جسم الإنسان تحت تأثير المجال المغناطيسي الخارجي B0. من المفترض أن هذه الذرات تكون تحت تأثير مماثل من المجال المغناطيسي وتردد لارمور Larmor’s percessional frequency متشابه، لكن توزيع السحابة الإلكترونية حول النواة تجعل البروتونات مختلفة في ترددها بناءاً على كمية هذه السحابة.

أقول كل مركب كيميائي لديه عدد معين من الإلكترونات حول النواة (البروتونات)، توزيع هذه الإلكترونات حول النواة يجعل البروتونات تكون تحت تأثير مختلف للمجال المغناطيسي الخارجي B0 فيما يُعرف بـ السحابة الإلكترونية Electronic Cloud. هذا يعني أن إختلاف كثافة الإلكترونات (السحابة الإلكترونية) حول البروتونات يؤثر على المجال المغناطيسي التي تتأثر فيه هذ البروتونات. هذا الفرق في تأثير المجال المغناطيسي على الذرات المختلفة يجعلها تدور حول نفسها بتردد لارمور مختلف مما ينتج عن ذلك إشارة مختلفة لكل مركب عضوي.

References

  • Soares, D. P., & Law, M. (2009). Magnetic resonance spectroscopy of the brain: review of metabolites and clinical applications. Clinical radiology64(1), 12-21. DOI: click here
  • Verma, A., Kumar, I., Verma, N., Aggarwal, P., & Ojha, R. (2016). Magnetic resonance spectroscopy—Revisiting the biochemical and molecular milieu of brain tumors. BBA clinical5, 170-178. NCBI
  • Gujar, S. K., Maheshwari, S., Björkman-Burtscher, I., & Sundgren, P. C. (2005). Magnetic resonance spectroscopy. Journal of neuro-ophthalmology25(3), 217-226.
  • Dr Yuranga, & Prof Gaillard, et al. MR Spectroscopy. Radiopaedia

 

نُشر بواسطة أنور السلمي

مؤسس الموقع. هدفي هو المساهمة في خلق محتوى إشعاعي عربي يُفيد الممارس الطبي ويُجيب على استفهامات المريض.

اترك رد