تعود التسمية بالنووية نسبة إلى نواة الذرة. فمصدر الإشعاع يكون من داخل النواة. الطب النووي هو أحد أقسام الأشعة في المستشفيات الغرض منه قد يكون تشخيصي أو علاجي أو كلاهما معاً. ربما التسمية تسبب الإرباك للبعض بربطها بالدمار الذي يحصل من القنابل النووية ولكن لاداعي للقلق. فالطاقة النووية تستخدم في المجال الطبي من عشرات السنين وهو أحد الإستخدامات السلمية للطاقة النووية. كمية الأشعة في الطب النووي لاتدعو للقلق أيضاً. فهي قليلة جداً وقريبة من الجرعات في أجهزة الأشعة الأخرى كالأشعة المقطعية. هذا الموضوع سيناقش المفاهم الرئيسية في فيزياء الطب النووي وهو موجه بالدرجة الأولى للدارسين من أخصائي التصوير أو الفيزيائيين الطبيين المبتدئين. حاولت أن ابسط هذه الفيزياء قد المستطاع وذكر المهم والضروري وتجاهل غير ذلك. حاولت أن أشرح المفاهيم والتعريفات بدون التعمق في المسائل الفيزيائية والرياضية متمنياً أن خبرتي في العمل كأخصائي طب نووي ستساعدني على ذلك.
مفاهيم أساسية في الفيزياء النووية أو الفيزياء الذرية
التركيب الذري
تعرف الذرة atom بأنها أصغر وحدة ومكون للمادة. وهي تتكون من :
- بروتونات: موجبة الشحنة تتواجد داخل النواة.
- نيوترونات: ليس لديها شحنة أيضاً تتواجد داخل النواة.
- إليكترونات: سالبة الشحنة تدور حول النواة في مسارات.
- العدد الذري Atomic Number:
العدد الذري هو عدد البروتونات في الذرة وعادة يأخذ الرمز Z. العدد الذري يحدد نوع العنصر. فبإختلاف عدد البروتونات تختلف العناصر من عنصر لآخر.
- الكتلة الذرية أو العدد الكتلي Atomic Mass:
الكتلة الذرية هي عدد البروتونات بالإضافة إلى عدد النيوترونات وعادة تأخذ الرمز A.

النظائر Isotopes
النظائر هي العناصر التي تمتلك نفس عدد البروتونات ولكن تختلف في عدد النيوترونات. ويمكننا وصفها بطريقة علمية بقولنا أن لديها نفس الرقم الذري ولكن لديها كتلة ذرية مختلفة. ولنأخذ على سبيل المثال عنصر الهيدروجين والذي يتكون من ثلاث نظائر: الهيدروجين-الديتريوم-الترتيوم.

ذرة الهيدروجين تتكون من نواة واحدة يوجد بها بروتون واحد فقط، ويدور حول النواة إلكترون واحد أيضاً. لذلك الهيدروجين يعتبر من اقل عناصر الجدول الدوري تعقيداً لذلك سيتم إستخدامه هنا لمناقشة النظائر.

يختلف الديتريوم عن الهيدروجين بأنه يمتلك نيوترون في النواة. أما النظير الثالث الترتيوم فيمتلك اثنين من النيوترونات. جميعها لديها نفس الرقم الذري لأن جميعها لديها نفس عدد البروتونات، ولكنها تختلف في الكتلة الذرية لإختلاف عدد النيوترونات. ويمكن كتابة رموزها كالتالي:
وليست جميع نظائر الهيدروجين مستقرة. فالهيدروجين والديتريوم مستقران. أما النظير الثالث الترتريوم فهو غير مستقر. ولكن ماذا نعني بغير مستقر؟ الذرة بشكل عام تكون بطبيعتها مستقرة، وإن حدث خلل في هذا الإستقرار تعود الذرة إلى حالتها المستقرة عن طريق إطلاق إشعاع. وهذا يعني أنه لو تركنا الترتريوم الغير مستقر في وعاء سيحاول الوصول إلى الإستقرار بواسطة الإشعاع ويتحول إلى الهيليوم. المزيد عن الإستقرار النووي سيتم مناقشته لأهميته في الطب النووي في موضوع مستقل في الأسفل.
أما في موضوع النظائر فيتبقى أن أقول أنه في بعض الأحيان لا تتم كتابة الرقم الذري للنظائر لأنه متشابه، ويتم الإكتفاء بكتابة الكتلة الذرية للنظائر. كما في المثال في الأسفل لعنصر الكربون ونظائرة . نلاحظ أن تم الإكتفاء بالكتلة الذرية C14 كربون 14.
طاقة الربط النووي
عندما نتفحص التركيب الذري نجد أن الذرة تتكون من مكونات صغيرة جداً ذات شحنة، إما موجبة كالبروتونات، أو سالبة كالإلكترونات، أو متعادلة وبلاشحنة كالنيوترونات. فنواة الذرة على سبيل المثال تتكون من بروتونات موجبة الشحنة، ولكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو لماذا لاتتنافر هذه البروتونات الموجبة الشحنة مع بعضها كما نعرف في قوانين المغناطيسية؟ خاصة وأن الذرة تعتبر جسم صغير جداً!
للإجابة عن هذا السؤال لنأخذ الهيليوم على سبيل المثال، فنواة عنصر الهيليوم He تتكون من 2 بروتون و 2 نيوترون. ومن المعروف علمياً أن وزن البروتون يساوي لـ 1.00783 وحدة كتلة ذرية. أما النيوترون فيبلغ وزنه بـ 1.00866 وحدة كتلة ذرية.
وعند تطبيق هذه الحسابات على نواة عنصر الهيليوم نجد وزنها على الورق بـ 4.03298 وحدة كتلة ذرية. ولكن بحسب التجارب العلمية نجد أن وزن النواة بـ 4.00260. إذن وزن نواة الهيليوم الفعلي أقل من وزنها المتوقع عند حساب أوزان مكوناتها. يفسر علماء الفيزياء وجود هذا الفرق بأن الوزن المفقود قد تحول إلى طاقة ربط تجمع مكونات النواة مع بعضها. فلكي تجتمع البروتونات موجبة الشحنة مع بعضها ولاتتنافر يستلزم وجود طاقة الربط النووية.
الإستقرار النووي
تكون النواة مستقرة كلما كان عدد البروتونات مقارب لعدد النيوترونات بداخلها. وهذا شئ بديهي. البروتونات تتنافر مع بعضها البعض. فتكون النواة أكثر أستقراراً عندما تحيط النيوترونات بالبروتونات. وعندما يزيد عدد البروتونات عن عدد النيوترونات داخل النواة تكون غير مستقرة. بلغة أكثر علمية يمكننا القول بأنه زيادة عدد البروتونات داخل النواة يستلزم بزيادة في عدد النيوترونات لكي تصبح النواة مستقرة. وهذا لتوليد كمية كافية من طاقة الربط النووي للمحافظة على إستقرار النواة.
شرح منحنى الإستقرار النووي
إذا قمنا برسم علاقة بيانية بين اعداد البروتونات واعداد النيوترونات ومن ثم تحديد الأنوية المستقرة. فإننا سنحصل على المنحنى الآتى ويسمى بـ منحنى الإستقرار.

تحتاج الأنوية الصغيرة (عدد البروتونات قليل) للوصول للإستقرار النووي إلى عدد من النيوترونات مساوي لعدد البروتونات. أيضاً يمكننا الإستنتاج من المنحنى، أنه كلما زاد عدد البروتونات (الأنوية الكبيرة) نحتاج إلى عدد النيوترونات أكبر من عدد البروتونات للمحافظة على الإستقرار النووي. فالنواة الكبيرة ذات العدد الكبير من البروتونات تحتاج إلى نيوترونات أكثر. تُساهم هذه النيوترونات الإضافية في طاقة الربط النووية ضد زيادة قوة التنافر داخل النواة بسبب كثرة البروتونات الموجبة.
كيف يحدث الإستقرار النووي وعلاقته بتوليد الإشعاع النووي(النشاطية الإشعاعية)
شرحت في الموضوع السابق مفهوم الإستقرار النووي. وكيف أن بعض الأنوية تكون غيرة مستقرة. ولكن ماذا يحدث للأنوية الغير مستقرة؟ هل تبقى بحالة غير مستقرة للأبد؟ الجواب هو لا. فهذه الأنوية ستبحث عن الإستقرار النووي. ويمكن الحصول على الإستقرار بإحدى طريقتين: الأولى هي الإنشطار النووي Fission. وفي الإنشطار النووي تنقسم نواة الذرة الثقيلة إلى قسمين أو أكثر. يتحول العنصر هنا إلى عنصر آخر بالإضافة إلى فوتونات عالية الطاقة غاما، أو جسيمات نووية كألفا وبيتا. أما الطريقة الثانية فهي النشاطية الإشعاعية Radioactivity وفيها يتم الوصول للإستقرار عن طريق توليد الإشعاع كجاما أو ألفا أو بيتا حتى تستقر النواة. وسأشرحهما هنا بالتفصيل.
تاريخ النشاطية الإشعاعية
في عام 1896م أكتشف الفرنسي هنري بيكريل Henri Becquerel أن اليورانيوم يصدر إشعاع مستمر يحدث بطريقة تلقائية بدون أن تؤثر عليه المؤثرات الخارجية كالضغط والحرارة. وهنا اطلق بيكرل تسيمة الإشعاع النشط Radioactive Radiation. ومن ثم تم إطلاق إسم النشاطية الإشعاعية على هذه الظاهرة.
وفي عام 1898م قام كل من الزوجان بيير وماري كيوري بإكتشاف النشاط الإشعاعي للثوريوم والراديوم والبولونيوم. وبعد هذا بـ 10 سنوات اكتشف العالم رذرفورد غاز الرادون النشط إشعاعياً تحديداً في عام 1908م.
الإنحلال الإشعاعي (الإضمحلال الإشعاعي)
ذكرت سابقاً أن النشاطية الإشعاعية عبارة عن طريقة للنواة الغير مستقرة للبحث عن الإستقرار النووي. تُسمى المرحلة التي تمر بها النواة من حالة عدم الإستقرار إلى الإستقرار بالإنحلال النووي Nuclear Decay Process. ويوجد عدة طرق للإنحلال النووي الإشعاعي وسأشرح كل منهما بالتفصيل. إذن يمكننا الآن تعريف الإنحلال الإشعاعي بأنه عملية يتحول فيها العنصر إلى عنصر آخر نتيجة لفقد جسيمات ألفا أو بيتا أو إنطلاق أشعة جاما.
آليات أو طرق الإنحلال النووي
- إنحلال ألفا Alpha Decay α
- إنحلال بيتا Beta Decay β
- إنحلال جاما Gamma Decay γ
- الإنشطار النووي Nuclear Fission
أولاً: الإنشطار النووي
الإنشطار النووي Nuclear Fission هو عملية مدمرة للنواة الغير مستقرة وفيها تنقسم إلى جزئين أو أكثر بالإضافة لعدد من النيوترونات. تكون هذه الأجزاء المتكونة عبارة عن أنوية جديدة لمواد مشعة. لايستخدم هذا الإنحلال في المجال الطبي. ولكن تُستغل هذه الظاهرة في المفاعلات النووية لإنتاج بعض النظائر المشعة التي تستخدم في تصنيع القنابل النووية أو توليد الطاقة.
ثانياً: إنحلال ألفا α
في هذا النوع من الإنحلال النووي يغادر نواة العنصر الغير مستقر إثنان من البروتونات وإثنان من النيوترونات مكونة لعنصر الهيليوم. ومايحدث هنا هو أن نواة العنصر الغير مستقر تطلق من ذاتها أشعة ألفا وتتحول إلى عنصر آخر أخف وزن. أحد الأمثلة على مثل هذا النوع من الإنحلال هو تحول اليورانيوم إلى الثوريوم.
في هذا المثال أطلق اليورانيوم الغير مستقر أشعة ألفا وهي جزئ الهيليوم. ونتيجة للنقص الذي حدث في عدد البروتونات، تحول اليورانيوم إلى الثوريوم. وللتوضيح أكثر انظر إلى هذا الرسم التوضيحي.
ثالثاً: إنحلال بيتا β
يوجد ثلاث أنواع تحت مسمى إنحلال بيتا:
- إنحلال بيتا السالب β− (إنبعاث الإلكترون)
بعض أنوية الذرات الغير مستقرة الغنية بالنيوترونات قد تحاول الوصول إلى الإستقرار عن طريق تحويل أحد النيوترونات إلى بروتون. مع هذه العملية يحدث إنبعاث لأحد الإلكترونات ويسمى هنا بـ جسيم بيتا السالب المشع.
في المثال السابق تحول اليود131 إلى الزينون 131 مع إنبعاث إلكترون واحد.
- إنحلال بيتا الموجب β+ (إنبعاث البوزترون)
بعض أنوية الذرات المستقرة الغنية بالبروتونات قد تحاول الوصول إلى الإستقرار عن طريق تحويل أحد البروتونات إلى نيورون. مع هذه العملية يحدث إنبعاث لـ جسيم بيتا الموجب ويسمى هنا بالبوزترون positron.
- الإنحلال بأسر الإلكترون Electron Capture
الأسر الإلكتروني أوإلتقاط الإلكترون هو النوع الثالث من طرق إنحلال بيتا. تصل النواة الغير مستقرة نووياً إلى حالة الإستقرار عن طريق إصطياد أحد الإلكترونات من المدار القريب منها عادة من المدار K. ومن ثم يتم التفاعل بين هذا الإلكترون وأحد البروتونات مما ينتج نيوترون جديد.
وينتج عن هذا النوع من الإنحلال إنبعاث الأشعة السينية وذلك يحدث عندما تحاول الإلكترونات من المدارات البعيدة ملئ الفراغ الذي تركه الإلكترون الذي تم إلتقاطه من قبل النواة. فالإلكترون القريب من النواة يحتاج إلى طاقة أقل من الإلكترون البعيد عنها.
رابعاً: إنحلال جاما γ
للوصول إلى حالة الإستقرار تبعث الأنوية طاقة كهرومغناطيسية على شكل أشعة جاما. ومن الأمثلة على هذا النوع هو التكنيشيوم technetium الغير مستقر الذي يشع جسيمات جاما للوصول لحالة الإستقرار. والتكنيشيوم من أكثر المواد إستخداماً في الطب النووي التشخيصي.
ملخص لطرق الإنحلال الإشعاعي

قانون الإنحلال الإشعاعي
ينص قانون الانحلال الاشعاعي على أن عدد الانوية المتبقية من انحلال أي مادة مشعة هو دالة أسية سالبة مع الزمن.
عمر النصف Half-Life

يمكننا تعريفه بالزمن الذي يحتاجه العنصر المشع لكي ينحل نصف عدد ذراته. حيث تنخفض فيه الكمية المشعة إلى النصف. فاللتكنيشوم وهو الأكثر استخداماً في المجال الطبي له عمر نصف يقدر بست ساعات. وهذا يعني بعد ست ساعات من تصنيع التكنيشيوم ينحل عدد ذراته إلى النص، ممايؤدي إلى إنخفاض كمية الإشعاع إلى النصف.
قانون التربيع العسكي Inverse Square Law
ناقشنا في قانون نصف العمر أثر الزمن على كمية الإشعاع. لكن ماهو أثر المسافة على كمية الإشعاع؟ هل يقل الإشعاع عندما نبتعد عن مصدره؟ الجواب نعم. وقانون التربيع العكسي يُجيب على السؤال التالي: كم ينقص من كمية الإشعاع عندما نبتعد عنه؟ فهم هذه النقطة مهم جداً في الحماية من الإشعاع.
ينص قانون التربيع العسكي بأن شدة أشعة جاما تتناسب مع مربع المسافة بين المصدر والنقطة التي يتم القياس عندها. أي كمية الإشعاع تقل بمقدار المسافة مربعة. وهذا يعني أنه عندما نضاعف المسافة عن مصدر الإشعاع النشط تقل كمية الإشعاع بمقدار 4 أي الربع. ولا يخفى على أحد أهمية هذه النقطة في ممارسات الحماية من الإشعاع.
وحدات قياس النشاطية الإشعاعية
البكريل becquerel هو وحدة القياس الدولية SI للنشاطية الإشعاعية ويمكننا تعريفه بعدد الإشعاعات التي تصدرها العينة المشعة بمعدل انحلال واحد في الثانية الواحدة. ويتخذ الرمز التالي Bq.
لكن الوحدة الأكثر إستخدام هي وحدة الكيوري Curie ورمزها Ci. والكيوري هو نشاط عينة تنحل فيها في الثانية الواحدة 3.7 x 10 10 . ويتم في الغالب التعبير عنها إما بالملي كيوري mCi أو بالميكروكيوري µCi.
للمزيد عن وحدات قياس الإشعاع: وحدات قياس الإشعاع وشرح الإختلافات بينهم
تضعيف وتوهين أشعة جاما Gamma-Ray Attenuation
كالأشعة السينية يعتمد تفاعل اشعة جاما مع جسم الإنسان على عدة عوامل منها: طاقة أشعة جاما – السماكة – العدد الذري – الكتلة. كلما زادت طاقة اشعة جاما زادت قدرتها على الإختراق والعكس صحيح. أيضاً كلما زاد العدد الذري للعنصر قلت قدرة الأشعة على الإختراق وعندها يزيد الإمتصاص absorption. أيضاً الكتلة density والسماكة thickness تحدد قدرة الأشعة على الإختراق فكلما زادا قلت الأشعة المخترقة.
بعد مناقشة المواضيع السابقة الرئيسية في فيزياء الأشعة السينية وخواص أشعة جاما سأتحدث عن أنواع الكواشف المستخدمة في رصد الإشعاع وكيفية إستخدامها في المجال الطبي:
أنواع كاشفات أشعة جاما gamma ray detectors
الكواشف مهمة جداً للتعرف على الإشعاع وتسجيل الصورة كما في الأجهزة المستخدمة في الطب النووي. أو لقياس كمية الإشعاع كعداد جايجر. وبشكل عام يمكننا تصنيف هذه الكواشف إلى نوعين بناءاً على نوعيتها: النوع الأول يكون مصنوع من الغاز. أما النوع الثاني فيكون مصنوع من مواد صلبة. وسأناقشهما بالتفصيل في الأسطر التالية.
النوع الأول: الكواشف المصنوعة من الغاز Gas-Filled Detectors
قد نتذكر تسمية الإشعاع المؤين ionizing radiation عند بدايتنا في دراسة الأشعة. فنحن نعرف أنه هناك نوعين من الإشعاع: إشعاع غير مؤين وإشعاع مؤين. النوع الأول غير ضار كموجات الراديو والميكرويف. أما الإشعاع المؤين فهو ضار كالأشعة السينية وأشعة جاما. وهو يتسبب بحدوث التاين في المادة التي يدخلها. ولكن ماذا يعني هذا؟

عندما يدخل الإشعاع المادة ينتج عن ذلك تكون أيونات ions. هذا مايحدث أيضاُ عندما يتفاعل الإشعاع المؤين مع الغاز. عندما تتداخل الأشعة مع الغاز يتكون مجموعة من الأيونات. بعد ذلك من الممكن تسجيل وقياس هذه الأيونات ونستغل هذه الظاهرة في تصنيع كواشف الإشعاع المصنوعة من الغاز. أما الغاز المستخدم فلابد أن يكون غاز خامل كغاز الزينون xenon أو الأرجون argon.
من الأمثلة على الكواشف المصنوعة من الغاز هما: عداد جايجر و حجرة التأين. عداد جايجر Geiger Counter هو جهاز وظيفته إكتشاف وجود الإشعاع المؤين. ويسمى أيضاً بعداد جايجر مولر. يكون عداد جايجر مهم جدا في حالة حدوث التسربات الإشعاعية . فالإشعاع لالون له ولارائحة ولايمكن تمييزه بدون هذه الكواشف. فعندما نشك بمادة هل هي مشعة أم لا، نستخدم هذا الجهاز.
النوع الثاني: الكواشف المتوهجة أو الوميضة Scintillation Detectors
فكرة هذا النوع من الكواشف هو أنها تعطي وميض من الضوء عندما يصطدم بها الإشعاع وتسمى أيضاً fluorescent detectors. ومن المضحك القول أنه الأشعة تم إكتشافها بواسطة هذه الكواشف الوميضة بالصدفة عندما لاحظ رونتغن توهج أحد هذه الكواشف بالضوء عندما كان يدرس الإلكترونات.
تستخدم أيضاُ هذا النوع من الكواشف ليس فقط للإكتشاف الإشعاع وتسجيله ولكن لقياس طاقة هذا الإشعاع. في العادة تكون هذه المواد في حالة صلبة في شكل كرستالة. ومن الأمثلة على هذه المواد والأكثر إستخداماً هي أيوديد الصوديوم مع الثاليوم NAI(TI). تستخدم هذه الكواشف في الجاما كاميرا gamma camera التي تستخدم في فحوص الطب النووي. وسيتم مناقشة مكونات الجاما كاميرا بشكل مفصل لاحقاً في هذا المقال. أما الآن فسأكتفي بشرح مكونات الكواشف الوميضة scintillation detector components.
يتكون هذا النوع من الكواشف من عدة أنابيب تسمى الأنابيب المضاعفة الضوئية photomultiplier tube(PMT). وتتكون من الأجزاء التالية كما في الشكل ادناه.

وسأشرح المكونات ووظيفتها من الأعلى إلى الأسفل. أولا الكرستالة الوميضة scintillation crystal مصنوعة من NA(TI) ووظيفتها هي أن تتوهج بالضوء عندما تصطدم بها الأشعة. أما الفوتوكاثود photocathode فوظيفته هو تحويل الضوء إلى إلكترونات. لاحقا الجرد grid يوجه هذه الإلكترونات نحو الـ dynode كما هو واضح في الشكل الذي بالأسفل.
وظيفة الـ dynodes هي تضخيم ومضاعفة هذه الإلكترونات. من ثم تتوجه هذه الإلكترونات إلى الأنود anode. أخيراُ تتحول هذه الإلكترونات إلى إشارات كهربائية electrical signals يستطيع الكمبيوتر قرائتها ومن ثم عرضها على الشاشة.


والصورة في الأعلى توضح كيف تكون هذه الأنابيب في الجاما كاميرا. وسيتم مناقشة مكونات جاما كاميرا بالتفصيل لاحقا في هذا الموضوع. لكن مايهمنا الآن هو أننا عرفنا أن الإشعاع الخارج من المريض يتم إلتقاطة بواسطة كرستالات الكواشف الوميضة وذلك عندما يتحول الإشعاع إلى وميض ضوئي. لاحقاً يتحول هذا الوميض الضوئي في PMT إلى إشارة كهربائية يتم إرسالها إلى الكمبيوتر للتعامل معها ومن ثم عرضها على الشاشة.
في هذا الموضوع تحدثنا عن بعض التعريفات لبعض المصطلحات الفيزيائية المهمة في الطب النووي وشرحت بعض الخواص الفيزيائية، ومن ثم انتقلنا إلى الحديث عن الكواشف المستخدمة في الطب النووي وناقشنا أنواعها وكيفية عملها. لكن كيف يتم تصنيع المادة المشعة؟ ماهو مصدرها؟ لقد قلت سابقاً في هذه السطور أن الإشعاع هو طريقة للأنوية الغير مستقرة في البحث عن الإستقرار النووي. ويبدأ النظير الغير مستقر بالإشعاع لكي يستقر. استغلت هذه الظاهرة في الطب. ولكن كيف نستطيع أن نصنع هذه المواد المشعة؟
تصنيع النظائر المشعة Production of Radioisotopes
نحتاج في الطب النووي إلى تصنيع المواد المشعة لإستخدامها بشكل آمن. النظائر الموجودة في الطبيعة تكون ذات نصف عمر half live طويل جداً بحيث لايمكن إستخدامه في المجال الطبي. وسنتعلم هنا بعض الطرق التي يتم من خلالها صنع النظائر المشعة.
لكن قبل ذلك لابد أن نتعلم بعض خصائص النظير المشع المثالي للإستخدام في الطب النووي. أولاً يجب أن يعطي هذا النظير أقل جرعة إشعاع ممكنة للمريض للمحافظة على سلامته. ولهذا يتم تصنيع نظائر مشعة ذات عمر نصف half live قصير. أيضاُ هذه النظائر لابد أن تكون ذات طاقة متوسطة ليست بالضعيفة التي يمتصها الجسم بالكامل ويستحال تصويرها، ولا ذات طاقة عالية بحيث يصعب إلتقاطها بالكواشف. لذلك أغلب النظائر التي يتم تصنيعها تنتج أشعة جاما متوسطة الطاقة بين 100-200 keV.
وبشكل عام يهمنا كدارسين للطب النووي معرفة ثلاث طرق لإنتاج النظائر المشعة :
الإنشطار النووي Nuclear Fission في المفاعلات النووية
يحدث هذا التفاعل داخل المفاعلات النووية nuclear reactors للذرات الكبيرة الحجم بحيث تنقسم إلى جزيئات أصغر. عندما يصطدم نيوترون بأحد الذرات الثقيلة تنقسم إلى قسمين أو أكثر وينتج عن هذا التفاعل كمية من الطاقة الحرارية والإشعاعية. على سبيل المثال ينتج عن الإنشطار نيوترونات وفوتونات تنتج أشعة جاما بالإضافة إلى جسيمات نووية مثل ألفا وبيتا. بعض هذه المواد قد تستخدم في الطب النووي.
- السيكلترون Cyclotron
السيكلترون هو جهاز يستخدم لإنتاج النظائر المشعة بواسطة قذف المادة الهدف target material بواسطة جسيمات مشحونة charged particles. أولاً يتم تسريع هذه الجسيمات في السيكلترون (المعجل النووي) بشكل دائري حتى تصبح ذا طاقة عالي ومن ثم يتم توجيهها وقذفها نحو المادة الهدف وينتج عن ذلك بعض المواد المشعة التي يمكن إستخدامها في الطب النووي. تسمى هذه الطريقة بـ القذف النووي nuclear bombardment.

- مولد النظائر المشعة Radioisotopes Generator
هي الطريقة الأكثر إستخداماً في أقسام الطب النووي. من خلال هذه الطريقة يتم إضمحلال أو إنحلال decay لنظير ذا عمر نصف طويل long half life إلى نظير آخر له عمر نصف قصير يمكن إستخدامه في الطب النووي.
يتم هذا التفاعل في المولد (جينيراتور) generator. على سبيل المثال إنتاج التكنيشيوم المشع Tc-99mعمر النصف له يساوي ست ساعات من المولبدينيوم Mo-99 وعمر نصفه يقارب الثلاث أيام (2.75 يوم). هنا المولبدينيوم يسمى بـ النظير الوالد parent، أما التكنيشيوم فيسمى بـ الإبنه daughter.
يتم صنع المولد خارج المستشفى في منشأه نووية وذلك بقذف اليورانيوم 235 بنيوترون مُسرع ليعطينا الموليبدينيوم 99، ومن ثم يتم نقله للمستشفى في قسم الطب النووي. إذن مولد النظائر المشعة generator يتكون من الموليبدينيوم (الوالد) الذي ينحل منتجاً التنكنيشيوم المشع. ولهذا السبب يسمى أحياناً بـ Tc-99m Generator.
مكونات مولد النظائر المشعة radioisotopes generator وطريقة عمله

يتكون مولد النظائر المشعة من طرفين أحدهما يوضع فيه المحلول الملحي saline والآخر يوضع فيه إنبوبه مفرغة من الهواء مما يحدث فرق في الضغط بين الطرفين. أما من الداخل فيتكون من عامود يوجد به الموليبدينيوم Mo-99 ويتم حلبه (هذه العملية تسمى إستحلاب) بواسطة تمرير محلول ملحي saline الذي يغسل هذا العمود ويلتقط التكنيشيوم بيرتكنتيت Tc99m Pertechnetate. بواسطة فرق الضغط يتجه التكنيشيوم إلى الإنبوبة المفرغة من الهواء ويملأها. يوجد أيضاً فلتر لمنع المولبيدنيوم من الوصول إلى الإنبوبة المفرغة من الهواء. فالمولبدينيوم لا يتم حقنه في المريض لطول عمر النصف والضرر الذي قد يلحق بالمريض.

ايضاً للحماية من الإشعاع الصادر من المولبدينيوم والتكنشيوم يكون هذا المولد مغطى بالرصاص lead.
للعودة للموضوع الأساسي: الطب النووي اضغط هنا
References
Wikipaedia: Nuclear Medicine
Wikibooks: Basic Physics of Nuclear Medicine
Diagnostic Imaging Nuclear Medicine, 2nd edition. Bennett & Oza
الكاتب: أنور السلمي
أخصائي أشعة، هذه المساحة تُمثل المكان الذي تجتمع فيه الهواية مع الدراسة، بحيث تلتقي هواية تصميم وتطوير المواقع بمجال عملي ودراستي الأشعة. هدفي هو المساهمة ولو بشئ بسيط في خلق محتوى إشعاعي عربي يُفيد الممارس الطبي ويُجيب على استفهامات المريض.
جزاكم الله خير الجزاء
شرح في قمة الإبداع
العفو، سعيد أن الموضوع اعجبك
حبيت المادة وهذا القسم من شرحك الله يوفقك
يسعدني ذلك، بالتوفيق ان شاء الله
إعداد رائع وجهد يُشكر
العفو D:
١ – كيف تفسر النتائج والرسم البياني فيما يتعلق بقانون التربيع العكسي ؟
٢_ماذا يمثل الميل ؟
٣: مناقشه حول تجربة تحقيق قانون التربيع العكسي لاشعة جاما
يبدولي أن هذا السؤال واجب 😀 لأنه لايوجد أي رسم بياني مرفق لهذا السؤال.
المواد الكيميائية التي يتم اضافتها مع المادة المشعة “التكنيشيوم” لفحص مثلا القلب او الكلي او الكبد
كل فحص له مادة صيدلانية مختصة أو أكثر.
عمل رائع الله يعطيك العافية واذا ممكن مواضيع اكثر
إن شاء الله
ما هي الطاقة النووية او تحديدا النشاط الاشعاعي؟
النشاط الإشعاعي هو إصدار طاقة إشعاعية بشكل تلقائي دون أن تؤثر عليها المؤثرات الخارجية.
ا. أنور
اذا الواحد يريد يتخصص في مجال الطب النووي
بماذا تنصحه؟
لا يوجد شئ خاص بالطب النووي، هو مثل بقية أنواع الأشعة، لكن في الطب النووي تتضح أهمية الإطلاع والمعرفة المستمرة.
موضوع بحثي عن الطب الاشعاعي واستخداماته ولما بحثت في الموضوع كان من ضمن مسميات الطب الاشعاعي الطب النووي بس انا بحثت كثير ما وجدت المعلومات الكافيه الي تفهني وتخليني اكتب في الموضوع ارجو انك تفيدني
يمكنك الإطلاع على هذه المواضيع: العلاج بالأشعة